تحليلات

” الاصلاح” يصيب ” المشترك” في مقتل!!

 

يمنات – متابعات

على الرغم من مضي اكثر من نصف عام على الانتخابات الرئاسية في فبراير من العام الجاري الا ان المتأمل في راهن المشهد اليمني يرى ان الوفاق لم يزل يراوح مكانه " لقد انتجت الأحداث الماضية "ماهو اسوأ من الانفصال السياسي وهو الانشطار النفسي والوطني والاجتماعي " – حد تعبير البرلماني الاشتراكي عيدروس النقيب..

ولعل مصدر كل ما يبعث على الخطر الان هو عودة التحالف القديم الى المشهد بضراوة والمتمثل بخطر القوى التقليدية التي حالت دون تمكين البلد من الخروج من عنق الزجاج ، كما يقول البعض وجعله في متواليات العقل المأزوم، حد تعبير الكاتب نجيب غلاب.

فمنذ الستينات حتي اليوم لا تزال شهية هذه القوى التقليدية خلف المتارس حيث الصراع الفاعل والحقيقي الذي يجري في عمق الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وسيطر علي الساحة ووعي الناس ليس الا مظهر خطرا للعبة القوى التقليدية نفسها وعبر الورثة الجدد تقود عملية احياء امبراطوريتها عن طريق بعث الهويات الصغيرة كما هي اليوم، اذ" تحاول القوى التقليدية هذه الحفاظ على مصالحها القائمة من خلال اثارة النزعات المذهبية والجهوية" حسب الكاتب والباحث عبد الله الدهمشي .. ودون وعي كما يظهر تقف القوى الحزبية وبالتحديد تكتل المشترك الذي يضم بين اجنحته وعلى راس معظم احزابه غالبية تلك القوى تقف بمعزل عن تدارك خطر القوى التقليدية الذي " يمكن ان يفجر عملية التسوية السياسية القائمة ويحول دون تحقق المطالب الشعبية المتفق عليها من كل الاطراف "كما يضيف.

فالدهمشي يرى ان التسوية السياسية التي تم الاتفاق عليها وفقا للمبادرة الخليجية من شرنقة الأزمات السياسية المتتالية وبما انها كذلك يصبح من العبث افساح الطريق امام سعي القوى التقليدية نحو افساد ثمن هذه الفرصة من اجل مصالحها اللامشروعة.

ففي ظل غياب المشروع الوطني ودخول البلد تحت ابط الوصاية الدولية وفقدان الاستقلال اضافة الى الخفوت التام للقوى المدنية وضعف قوتها مقابل قوة المشروع الأصولي والقبلي يصبح من السهوله بالنسبة لقوى الصراع التقليدية اعاقة ارادة التغيير وقد استطاعت – كما يؤكد احد الناشطين جر البلد الى مغبة ما حذر منه نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبد الباري طاهر في وقت مبكر متهما حينها وقوف القوى التقليدية وراء التحضيرات للخلاص مما اسماه " كابوس الثورة" الى ان ادخلت البلاد في متاهة الصراع الطائفي والقبلي والجهوي.

وفي هذه اللحظة . يقول عبد الباري طاهر ، يعيش البلد حالة مخاض انتقال من ثورة شعبية سلمية الى وضع بناء دولة مدنيه ديمقراطية لم تعرفها الجمهورية اليمنية منذ زمن.

ويتابع طاهر مستدركا : " لكن ما يحدث للأسف الشديد ان هناك من القوى النافذه من ترى ان تكون الدولة القادمة دينية وهذا مالم يضع اليمنيون من اجله وهناك من ترى في ان تكون الدولة تابعة للقبيلة وهو ما نتألم بسببها منذ عقود.. كل هذه المشاريع الخطرة .

يضيف طاهر .تتطلب من القوى الوطنية اليوم اعادة الصياغة لكل التحالفات الموجودة والحيلولة دون تمرير هذه المشاريع الصغيرة.

وعلى النقيض من الربيع المصري والتونسي الذي انجب واقعا مشجعا لاستقرار الحياة وتطورها. كما يقول مراقبون ، صار بيع الثورة في اليمن مسلكا مختلف وبغض النظر عن طبيعة التركيبة الاجتماعية التي يضعها الكثيرون كمبرر للنتيجة القائمة فقد صرف التركيز الفوقي للثورة في اليمن عن بناء حاضن ثوري يجذر اوضاع شعبية تامة المغايرة والسبب في ذلك يعود الى امتطاء القوى التقليدية ظهر الثورة في ظل تراخي قبضة الحكومة لاشتغالها في المعارك السياسية الفوقية الا من سعيها عند كل محاولة للتصعيد الثوري في امتصاص رغبة التغيير من خلال تغيير الاشكال الايهامية.

ناهيك عن  بقاء الباب مغلقا امام ولادة جديدة لتكتلات سياسية قادرة على اضفاء المشهد السياسي كحالة لا تقارن بسابقاتها التي اثبتت الأحداث الماضية فشلها في تكريس مفاهيم الديمقراطية ومقدمتها التغيير.

لقد تفاءل الناس بامكانية ان تفتح الثورة عيون اليمنيين على حياة سهلة غير معقدة يجسدها واقع خال من مراكز النفوذ وتحالف القوى التي تهدد كل شيء لكن ما تحقق حتى الان هو العكس فقد حالت دون رؤية الجميع لذلك.

على الدوام تكمن فرصة القوى التقليدية في كشف هويتها عندما تجد نفسها على مترس الحرب وما يدور حولها ليس اقل من مسرح عبثي لخوض سباق اللعبة المثيرة لأعصاب الاقليم والخارج من اجل نيل مصائدها اللامشروعة ولو على حساب انهيار الدولة ناهيك عن المشاريع الاستراتيجية شديدة التحالف.

ولعل حقيقة ما يشير اليه واقع التباينات التي افرزتها الأحداث الماضية خصوصا داخل تحالف المشترك لا يمكن اعتبارها مجرد حالة نزق سياسي بعثتها المواقف او الخطوات الطارئة في مضمار السياسة والأمن مثلا الا ان مراقبين كثرا وجدوا في ذلك ما يشي بانفراط عقد التحالف المستمر منذ عشر سنوات تقريبا.

فالاصلاح اكبر احزاب التحالف واوفرها من حيث تواجد القوى التقليدية وأمراء الصراع المتناسلة عبر تاريخ الدولة التقليدية يحاول عبر ادواته وممارساته لاكثر من مرة المضي عبثا في كهربة الوضع داخل تكتل المشترك وجعل الاخير في مهب الانفراط.

ومايثبت حقيقة الصراع داخل تكتل المشترك والذي بدأ عقب التوقيع على المبادرة الخليجية مباشرة وبوضوح برز الصراع اكثر خلال الشهور التي شهدت افرازات خطيرة في مشهد التحالف خلفتها القرارات الرئاسية الماضية خصوصا بين الاصلاح والاشتراكي حيث برزت اللعبة اكثر وانكشفت على اثر ممارستها ادوات الاصلاح المستخدمة في عملية الصيد وتقمص فرص العمر والمتمثلة في القوى التقليدية من قراصنة البشر والتاريخ التي تعيش في كنفه.

برزت تجليات هذه اللعبة في حقيقة ما بدت عليه ملابسات الحوادث الأمنية التي يطويها النسيان .

اذ غادر امين عام الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان صنعاء اثر محاولة اغتيال وصفتها ضمن نطاق الجبهة المناوئه لصالح فيما اعتبرها الاصلاحيون انفسهم عارضة لا تبعث على الخطر طبقا لما جاء على لسان الأمين العام محمد اليدومي .

بينما كان الدكتور ياسين قد رد عليه اليدومي بعين السياسي المرن بقوله : " بما ان الحادثة فشلت الا ان ذلك لا يعني التقليل من خطورتها" فقد تجاهل اليدومي مراعاة مشاعر الاشتراكيين الذين لم يعرفوا حتى لحظة كلام اليدومي الذي يشك بعض الاشتراكيين في اطلاعه على حقيقة ما اسفرت عنه التحقيقات ومن يقف وراءها وما خلفياتها على الرغم مما قاله البرلماني عيدروس النقيب من أن اليدومي يعلم انه لو كان المستهدف احد احفاد شيخ صغير من مشائخ "مطلع" – حد تعبيره – او حتى احد افراد حراسته لقامت الدنيا ولم تقعد لقد تصاعد الصراع داخل تحالف المشترك واثبتت بيانات الاشتراكي وحزب الحق والقوى الشعبية جوهر الخلافات التي تسم المشهد وما تواجهه قوى الاشتراكي بالتحديد من مؤامرة وصفها مراقبون بالشرسة من قبل القوى التقليدية في حزب الاصلاح الذي يدعمها سرا للقضاء على ما تطمح اليه القوى المدنية وما يمكن ان يحد من مصالح القوى غير المشروعة.

لقد اظهرت بيانات الاشتراكي موقف الحزب ازاء تلك المؤامرة التي يتعرض لها عبر ممارسات الاقصاء والتهميش كما اتضحت مؤخرا اثر القرارات الرئاسية السابقة واللاحقة التي كان للاصلاح خاصة نصيب الأسد منها وكذلك المؤتمر والرئيس هادي فيما تجاهلت الاشتراكي الذي اشار الى ان محاولات الاقصاء التي يتعرض لها مقصودة ومصدرها القوى التقليدية التي لا ترى في الاشتراكي ضمانا لبقاء مصالحهم كما ان الهدف كما يقول محللون . هو تفجير عقد التحالف المشترك واعادة امبراطورية تحالف القوى التقليدية من جديد والمتمثلة بقوى الاسلام السياسي والقبيلة .

مؤشرات هذا التحالف يقول الناشط الجنوبي عبد الودود احمد برزت مؤخرا بشكل لافت من خلال الخطاب الاعلامي للإصلاح ومن ألسنة ممثليه انطلقت حمى الرغبة في الصدام مع الاشتراكي من خلال التعاطي الساذج للقضية الجنوبية وما ينبغي ان تكون عليها الحلول اذ يرى فيها بعض الاشتراكيين محاولة للإلتفاف على القضية الجنوبية بهدف دفنها نظرا لما تقتضيه مصالح القوى المستفيدة داخل حزب الاصلاح والتي وفرت الغطاء الشرعي للحرب على الجنوب في صيف 1994م.

كما حملت راية الفتح للنهب والاستقطاع حينها.

كل ما سبق ذكره يمهد لخلخلة التحالف بين المشترك الذي يتوقع نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبد الباري طاهر حصوله قريبا ويفرض على القوى المدنية بشكل عام في الاشتراكي وبعض القوى الأخرى بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام حتمية اعادة صياغة تحالفها والاصطفاف من اجل بناء الدولة بدءا من الاتفاق على شكل الحكم.

عن – صحيفة الانصار 

زر الذهاب إلى الأعلى